::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> تراجم وأعلام

 

 

العلامة اللغوي النحوي الدكتور مازن المبارك

بقلم : د. محمد حسان الطيان  

 

 
((اللغة صفة الأمة في الفرد، وآية الانتساب إلى القوم.. فمن أضاع لغته؛ فَقَدَ نسبه، وأضاع تاريخه))... كلمات ذهبية يعبر بها الأديب اللغوي المبارك مازن المبارك عن حبه للغة العربية واعتزازه بها ورفعه لرايتها ودفاعه عنها أينما كانت..
الدكتور مازن عبد القادر المبارك.. الذي يكتب فيه الدكتور حسان الطيان هذه المقالة:
الدكتور مازن المبارك .. ومواسم الفرح..
لكي نعرف من هو.. أحببنا أن نكتب لكم إخوتي الكرام بضع سطور عن حياته تجدونها بعد أن تقرؤوا مقالة الدكتور حسان الطيان عنه..
إدارة التحرير في موقع رسالتي.نت
 
 
الدكتور مازن المبارك... ومواسم الفرح
بقلم: د. محمد حسان الطيان
منسق مقررات اللغة العربية بالجامعة العربية المفتوحة
عضو مراسل بمجمع اللغة العربية بدمشق
 
يقترن الدكتور مازن المبارك في ذاكرتي بمواسم الفرح، فقد كنت ألقاه كلما عاد من مغتربه في دبي إلى دمشق أيام العيد وأيام الصيف, ثم صرت ألقاه كلما عدت من مغتربي في الكويت إلى دمشق أيام العيد وأيام الصيف، والحق أن الدكتور مازن كله فرح.. علمه يضفي على العقل الفرح، ومجلسه يسبغ على النفس الفرح، وأنسه يملأ القلب والمكان بالفرح، وإذا ما حضر مجلساً زانه بكلامه، وملأه بحضوره..
إن الكلام يزين رب المجلس
وإذا ضمته نزهة أو سيران كان مصدر الحبور ومنبع السرور ومجتلب المتعة ومحل الأنس.
وله حديث يجمع بين الفائدة والمتعة على نحو عجيب، فبينا تراه يدفع عن لغتنا ما لحق بها من أذى، ويذود عنها ذود الفارس الهصور، إذا هو يطرفك بأرق النوادر، ويسمعك أعذب الأحاديث والخواطر..إنه السحر الحلال الذي وصفه ابن الرومي بقوله:
وحديثها السـحرُ الحلالُ لو انَّهُ            لم يجنِ قتلَ المسـلمِ المتحرِّزِ
إن طال لم يُمللْ وإن هي أوجزتْ         ودَّ المحدّث أنهــا لمْ توجـزِ
شـركُ العقولِ وفتنـةٌ ما مثلها           للمطمئنِّ وعقـلةُ المسـتوفزِ
        وأنا أقسم غير حانث بإذن ربي أني ما جلست معه مجلساً إلا رجوت ألا ينقضي، ولا سمعته يتكلم مرة إلا وددت ألا يسكت، وما زرته يوماً أو زارني إلا تمنيت لو أن الزيارة طالت، أو أن أمدها امتد، وهو دائماً يذكرني بمقولة الشعبي في زياد بن أبيه: "ما رأيت أحداً يتكلم فيحسن إلا أحببت أن يسكت، إلا زياد بن أبيه فإنه لم يخرج قط من حسن إلا إلى ما هو أحسن منه".
        كنا بصحبته يوماً في دعوة مشهودة من دعوات شيخنا الشيخ حسام الفرفور، وكان كالعهد به دوماً قِبلة الحضور ومهوى الأفئدة، ومضى الوقت سريعاً، حتى إذا ما حان منتصف الليل، تململ أستاذنا الدكتور مازن في مجلسه هامّاً بالاستئذان، فبادره الشيخ حسام قائلا: أين تمضي إن سهرتنا تبدأ عادة عند الساعة الثانية عشرة، فأجابه أستاذنا على الفور: "فلأمضِ إذن قبل أن تبدأ السهرة".
        وما أنس لا أنس تلك الجَمْعة الرائعة التي يجمعنا فيها شيخنا الشيخ سارية الرفاعي في عين الفيجة مع علية القوم وصفوة أهل العلم يزدان مجلسهم بأستاذنا المبارك، يفيض عليه من علمه وأنسه وفضله.
        إنه حقاً رجال في رجل، فقد جمع الله له المجد من أطرافه علواً في النسب، وغزارةً في العلم, وجمالاً في الأدب، وفصاحةً في اللسان.
        أما علو النسب فحسبه شرفاً أنه مبارك ينتمي إلى دوحة الأشراف, من سلالة سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو سيد شريف من آل البيت الكرام. وقد جمع إلى شرف النسب رحم العلم، فأبوه العالم اللغوي القدير الشيخ عبد القادر المبارك، أحد كبار مؤسسي مجمع اللغة العربية بدمشق، وأخوه الأكبر الدكتور محمد المبارك، عميد كلية الشريعة بجامعة دمشق وواحد زمانه علماً ومعرفةً وعملاً. وجده الشيخ محمد المبارك أحد الأدباء البارعين.
 
        وأما علمه وأدبه فهو أحد أوعية العلم بالعربية وعلومها في زماننا، نهل ما نهل من أبيه وأخيه، ثم أخذ العربية عن أكابر أربابها في الشام ومصر، فقد تتلمذ لشاعر الشام الكبير محمد البزم، وشيخ نحاة العصر الأستاذ سعيد الأفغاني، كما انتفع بأساطين العربية المؤسسين لقسمها في جامعة دمشق أمثال د. أمجد الطرابلسي، والشاعر الأديب شفيق جبري، وعز الدين التنوخي, والشيخ بهجة البيطار.
        ثم ارتحل في طلب العلم إلى مصر فصحب نخبة من علمائها من أمثال عميد الأدب العربي الأستاذ الدكتور طه حسين، وشيخ مؤرخي الأدب الأستاذ الدكتور شوقي ضيف، والأستاذ مصطفى السقا, كما أفاد من مجالس شيخ العربية الكبير وفارسها الأجل أبي فهر محمود محمد شاكر، وغيرهم كثير. ليعود إلى جامعة دمشق أستاذاً للنحو وتاريخه وأصوله والبلاغة وتاريخها.
        وقد عم نفعه وفضله البلاد والعباد فدرّس في كثير من الجامعات العربية، بدءاً من جامعة دمشق، ومروراً بجامعة الملك عبد العزيز في الرياض، والجامعة اللبنانية ببيروت، وجامعة قطر التي رأس قسم اللغة العربية فيها ، ومعهد اللغة العربية بالجزائر, وكلية الدعوة في ليبية. وانتهاء بكلية الدراسات العربية والإسلامية بدبي التي رأس فيها قسم اللغة العربية أيضا. ثم عاد إلى الشام من جديد ليشرف على الدراسات العليا بقسم التخصص بمعهد الفتح الإسلامي، وليتوّج رحلة عطائه الغنية بانتخابه عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق، وأذكر أني قد كتبت في مفكرتي عشية أن بلغني نبأ انتخابه ( 27/6/2010) كلاماً هذا نصه: "فليهنأ المجمع، وليهنأ أعضاؤه، وليهنأ كل محب للعربية بانضمام ركن من أركانها، وفارس من فرسانها، وعلم من أعلامها إلى مجمع الخالدين. ولعل المجمع يستعيد به شيئاً من عافيته بعد طول معاناة وسقم، وعسى أن يعيد الله به أياما نضرة عاشها المجمع في ظل علمائه الأفذاذ، من أمثال التنوخي وكرد علي والمغربي والمبارك الكبير – أعني والده – فيصل به ما انقطع، ويجبر ما انصدع، ويحيي ما أميت، إنه سميع مجيب".
 
        والحق أن نفعه لم يقتصر على المعاهد والجامعات، بل امتد إلى المساجد والمراكز الثقافية والبيوتات، فهو لا يدع باباً يمكن أن يرفع فيه للعربية راية إلا طرقه، لقد جاهد في سبيلها حق الجهاد ، ونافح عنها حق المنافحة، وآلى على نفسه أن يبث محبتها والوعي بها وبأهميتها حيثما حلَّ وارتحل. إنها همه وسدمه وقضيته التي يحيا لها.
        وقد رفد أستاذنا المبارك المكتبة العربية ببحوثه وكتبه، وقدم لها أجمل وأبدع ما يمكن أن يقدمه ابن بار للغته وأمته، على أن أجلَّ ما صنعه بظني تلك الروح التي نفخها في كتبه، وبثها في مقالاته، ولقنها طلابه وتلامذته وقراءه، أعني حب العربية، والذود عنها، وإعلاء شأنها، ونشر أطايبها وروائعها، وتحبيب الناس بها...
ــــــــــــ
 
الدكتور مازن المبارك في سطور
بقلم: إدارة التحرير
 
 
Œ ولادته ونشأته:
ولد الدكتور مازن المبارك في دمشق سنة 1930م، ونشأ في أسرة علم ونسب شريف، فوالده هو الأستاذ عبد القادر المبارك، وهو عالم كبير، ولغوي ثقة، تلقى الكثير من المعارف اللغوية والأدبية والدينية على شيوخ عصره، كالشيخ أمين سويد، والشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ عطا الكسم، وكان الأستاذ المبارك راوية، حافظاً لكتب الأخبار والتراجم والتاريخ..
والأستاذ محمد المبارك الشقيق الأكبر للدكتور مازن، أيضاً هو عالم لغوي ومربّ معروف..
فالبيئة التي نشأ فيها الدكتور مازن المبارك بيئة علمية كانت تهتم باللغة العربية اهتماماً واسعاً، لذلك نشأ على حبها وتشربها منذ نعومة أظفاره..
لأجل ذلك امتاز بثقافة واسعة، وانكباب على العلم والتعليم والتصدي للتأليف، وقد جمع بين ما تلقاه من أسرته وبيئته، وما حصَّله من تدرجه في مستويات التعليم المنظم حتى اجتمع له ما لا يجتمع لأقرانه..
 
 العلماء الذين تعرف عليهم:
إن المجتمع الذي كان فيه مجتمع مثقفين وعلماء، عرفهم مع أبيه ثم مع أخيه، وفي مجالس العلم، فيتحدث هو نفسه عن بعض العلماء الذي اجتمع بهم:
الشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ أحمد الحارون، والشيخ أبا الخير الميداني، والشيخ إبراهيم الغلاييني.
ومن رجال الثقافة والأدب:
الأستاذ كرد علي، وخليل مردم بك، وعز الدين التنوخي، والشيخ بهجة البيطار، والشيخ عبد القادر المغربي.
ومن الشباب – إذ ذاك-:
علي الطنطاوي، وأنور العطار، وأمين المصري، وغيرهم.
وقد أدرك أستاذنا المبارك طائفة من علماء الأمة وأدبائها في دمشق، ثم في القاهرة، كانت له بهم صلة عادت عليه بالأثر الطيب، كالأستاذ شفيق جبري، والدكتور أمجد الطرابلسي، والأستاذ سعيد الأفغاني في دمشق، وكالعلامة الأستاذ محمود محمد شاكر، والدكتور شوقي ضيف، والدكتور عبد الحليم النجار، وغيرهم.
 
Ž مؤهلاته العلمية:
- الإجازة في الآداب (الليسانس) من جامعة دمشق.
- أهلية التعليم الثانوي من المعهد العالي للمعلين بدمشق 1952 م.
- دبلوم التربية والتعليم.
- الماجستير في الآداب من جامعة القاهرة 1957م.
- دكتوراه في الآداب من جامعة القاهرة 1960م.
 
 المناصب التي شغلها في سورية:
- مدرس في كلية الآداب بجامعة دمشق 1960 م.
- أستاذ مساعد في كلية الآداب بجامعة دمشق 1966 م.
- أستاذ كرسي اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة دمشق 1970 م.
- وهو الآن عضو في مجمع اللغة العربية.
 
 المناصب التي شغلها خارج سورية:
- مدرس في جامعة الرياض بالسعودية 1965م و 1966 م.
- أستاذ في الجامعة اللبنانية 1972 و 1973 م.
- رئيس قسم اللغة العربية في جامعة قطر، والمسؤول الثقافي بالجامعة، وأمين سر مجلس كلية الإنسانيات، وعضو مجلس الجامعة بقطر 1974 – 1981 م.
- أستاذ زائر في جامعة وهران بالجزائر 1984 م.
- أستاذ زائر في كلية الدعوة بطرابلس بليبيا 1986 م.
- رئيس قسم اللغة العربية في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي بالإمارات 1989م.
 
نشاطه العلمي:
- شارك في عدد كبير من الندوات والمؤتمرات المختصة باللغة العربية في دمشق وبيروت والجزائر والكويت وبغداد وقطر والبندقية (ايطاليا).
- شارك في عدد كبير من اللقاءات والحلقات الإذاعية والتلفازية والصحفية في الوطن العربي.
- شارك في كثير من المحاضرات في المراكز الثقافية والعلمية والمدارس والكليات والجامعات في الوطن العربي.
 
آثاره العلمية:
له العديد من الآثار العلمية سواء منها الكتب والمقالات، ومن كتبه:
- مجتمع الهمذاني من خلال مقاماته، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
- الرمَّـاني النحوي، في ضوء شرحه لكتاب سيبويه، طبع الجامعة السورية بدمشق.
- النحو العربي، بحث في نشأة النحو وتاريخ العلة النحوية ، طبع المكتبة الحديثة بدمشق.
- الموجز في تاريخ البلاغة، طبع دار الفكر.
وغيرها الكثير.. حفظه الله وبارك في حياته..

 التعليقات: 3

 مرات القراءة: 5060

 تاريخ النشر: 23/11/2010

2011-01-30

بشار نشواتي

كم تمنيت أن أرى هذا الرجل (المبارك) وخاصة عندما كان يمدحه أستاذ السيرة في التخصص(ب معهدالفتح) شوقي أبوخليل عليه أفضل الرحمات وتمنيت أن أرى هذا النا صح الصباحي بالإذاعةوأقصد صاحب الموقع نفع الله به الامة

 
2011-01-19

أيمن بن أحمد ذوالغنى

أستاذنا الدكتور مازن المبارك علم من أعلام الشام وقامة سامقة في علوم العربية والفكر الإسلامي.. وقد شرفني بقضاء يوم كامل بصحبته أمس في مدينة الرياض، فيا له من يوم غني بالفوائد والأنس بصحبة الشيخ الجليل.. وبارك الله في أستاذنا الحبيب الفاضل د. حسان الطيان على وفائه وبره بأشياخه وأساتيذه، وهو أهل لكل فضيلة ومكرمة.. سدده ربي وتقبل منه.

 
2010-11-24

غسان

آمين.......اللهم يارب اجعلنا على طريقهم وهديهم يا رب العالمين شكرا لأستاذنا الدكتور محمد حسان الطيان.

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1298

: - عدد زوار اليوم

7504551

: - عدد الزوار الكلي
[ 91 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan