wwww.risalaty.net


الامتحانات .. مِحَنٌ و مِنَحٌ


بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان

 


خطبة الجُمعة بتاريخ 18 / 5 / 2012
في جامع العثمان بدمشق
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، يا ربَّنا لك الحمدُ كما ينبغي لجلالِ وجهكَ وعظيمِ سلطانك، سُبحانكَ لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيتَ على نفسك.. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لهُ الملك ولهُ الحمد يُحيي ويميتُ وهو على كل شيءٍ قد ير، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا مُحمَّداً عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه.. اللهُمًّ صلِّ وسلِّم وبَارك على هذا النبيِّ الكريم، صلاةً تنحَلُّ بها العُقَدُ، وتَنْفَرجُ بها الكُرَبُ، وتُقْضى بها الحوائجُ، وتُنَال بها الرغَائبُ وحُسنُ الخَواتيم، ويُستسقَى الغَمَامُ بوجْهِهِ الكريم، وعَلى آلهِ وصحبهِ وسلِّم تسليماً كثيراً..
أما بَعْدُ أيها الإخوة المؤمنون: أُوصي نفسي وإيَّاكم بتقْوَى الله تعالى.. وأحُثُّكم على طاعَتِهِ والتَمَسُّكِ بكتابهِ، والالتزامِ بسُنَّةِ نبيّهِ سيدنا محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلَّم ومنهاجِه إلى يومِ الدِّين..
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾[سورة الكهف: ٤٩].
أيها الإخوة المؤمنون: في هذه الآية القرآنية يُصوِّرُ ربنا سبحانه وتعالى مشهداً من مشاهد يوم القيامة، حيث يُوضع الكتاب، وينصب الميزان، وتُعرَضُ سجلات أعمال ما قدمنا في الدنيا، ما سُجل ودُوِّن علينا في الدنيا، يُعرَضُ أمام الله سبحانه وتعالى، أما المجرمون الكفرة الملحدون المبطلون الخائنون فإنهم يتحسرون، وفي تلك الساعة لا تنفعهم الحسرات، فيقولون يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا كلُّ ما عملوا في دنياهم مُدوَّنٌ عليهم، لا يغادر كتابهم أيَّ عملٍ من أعمال السوء والإجرام التي اقترفوها في الدنيا. وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًالم يذهب منه شيء، يُعاد لهم سجلُ أعمالهم، ويُعرَضُ عليهم الشريط وكأنّه يجري أمام أعينهم، والله سبحانه وتعالى لا يظلمُ أحداً قط.
هذا المشهد مشهدُ امتحان، مشهدٌ فيه نجاحٌ ورسوب، مشهدٌ يعكس كثيراً من الحقائق التي يغفل عنها الناس في دنياهم، ولعلنا اليوم نأخذ من هذا المشهد العظيم صورةً مصغّرةً لواقعنا، ففي خضم الأحداث التي تعصفُ ببلادنا من فقدٍ للأمن وقتلٍ وتخريبٍ وتهجيرٍ و مجازر وحشية نواجهُ حقيقة واقعية، ألا وهي الامتحانات التي يخوضها أبناءنا في هذه الأيام !
الامتحانات واقعٌ لا مفر منه ولا مهرب، الامتحانات حقيقة لا بد منها.. المدراس، المعاهد، الجامعات فتحت أبوابها للامتحانات، والناسُ في الامتحانات على مواقف، فمنهم من اجتهد وبذل جهده طوال العام الدراسي فتأتي أيام الامتحانات بالنسبة له تكريماً ومكافأة ليحصد فيها ثمرة أعماله التي جناها وحصّل عليها خلال أيام الدراسة. ومنهم من فرّط وضيَّع وكان أيام الدراسة يلهو ويلعب، ويعتصر الأيام اعتصاراً يريدُ أن يتخلص من الدراسة والامتحان، فإذا جاءت أيام الامتحان كانت عقبةً كبيرةً له وفي وجهه، وربما أدى الامتحان إلى رسوبه وفقدانه كل الفرص العلمية والدراسية. لذلك عندما نذكر بموقف المجرمين يوم القيامة بين رب العزة سنعلم حقيقة الامتحان الذي نواجههُ في الدنيا، وحقيقةَ الامتحان الذي ينتظرنا في الآخرة ألا وهو الامتحان الأكبر، فربما يستطيع الانسان في الدنيا أن يغش في الامتحانات، وأن يستخدم بعض الوسائل التي تجعله من الناجحين في نهاية العام، أما في الآخرة فلا غش ولا تزوير أمام الله سبحانه وتعالى.
 إذاً ها نحن نستعد للامتحانات، فكيف نُعِدُّ أبناءنا؟ كيف نهيئهم لاستقبال الامتحان؟ هل نهيئ لهم أجواء ومناخات الدراسة لكي ينجحوا في الامتحان الدنيوي وننسيهم الامتحان الأخروي؟ هل نبذل كل جهدنا لنحصل على التفوق الدراسي في الدنيا، ثم نُغيِّب أنظار أبنائنا عن الامتحان الأخروي يوم القيامة؟ علينا أن نوفِّق بين كل هذه الامتحانات فنجعل من امتحانات الدنيا مقدمة لامتحانات الآخرة.
وأبناؤنا في مواجهة الامتحانات عليهم أن يستحضروا جملة من الأمور، وهي أمور رئيسية إذا ما أرادوا النجاح والتفوق في الدنيا والآخرة.
وأول هذه المواقف التي ينبغي أن نعينهم عليها: أن نحضّهم ونحضّ أنفسنا على تقوى الله عز وجل:فتقوى الله مفتاح الفرج، وتقوى الله أساسُ كل شيء، فهي أساس العلم. قال تعالى:﴿...وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ ﴾[سورة البقرة:282].  أي: إن التقوى مرتبطةٌ بالعلم، وإن العلم مرتبطٌ بالتقوى. ولقد ذكر العلماء تعريفات كثيرة لمفهوم التقوى، ولعل أوضح معانيها و تعريفاتها : "أن يجدك الله حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك".هذا المعنى يجعل كل مسلمٍ أمام موقف المحاسبة، يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب، ويعرض عمله على نفسه قبل أن يُعرض عمله يوم القيامة أمام الله. فإنْ رضي على عمله زاد منه وثبت عليه، وإنْ لم يرضَ عنه استغفر الله تعالى وعزم أن لا يعود إليه.
والتقوى مفتاح النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى:﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2-3]. والعلم رزق، والدراسة التي يدرسها أبناؤنا نوعٌ من الأرزاق التي تُقسم من السماء، فإذا اقترن هذا العلم بتقوى الله تعالى، انتفع أبناءنا بدراستهم. يقول سبحانه و تعالى:﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق:4] أي: إن المتقي تُيسَّر له أموره الدنيوية كما تُيسر أموره في الآخرة. فأول ما ينبغي أن نركز عليه هو حرصنا على تقوى الله تعالى في العلم وفي العمل وفي الحياة لنُهيئ أنفسنا و أبنائنا للامتحان الأكبر أمام الله تعالى.
الأمر الثاني هو الإقبال على الله تعالى في الأحوال كلها، و ليس أيام الامتحان فحسب!! فبعض أبنائنا يلتجئ إلى الله أيام الامتحان، يتعرف إلى الله تعالى خلال أيام الامتحان، فإذا ما انتهى الامتحان عاد إلى ما كان عليه من سباتٍ ونومٍ وإعراض.
كثير من أبنائنا يُقبِلون على الصلاة في فترة الامتحانات، فتجدهم في صلاة الفجر خلف الإمام يسألون الله سبحانه وتعالى، ويبتهلون إليه، ويدعونه أن يشرح صدورهم، وييسر أمورهم، ويفتح عليهم، وينور قلوبهم، فإذا ما انتهى الامتحان عادوا إلى كانوا عليه، وكأن العبادة لها موسم ثم تتوقف، وكأن التعرف على الله سبحانه وتعالى له أيام محدودة ثم يتوقف.
وقد ورد في المأثور: "تعرّفْ إليه في الرخاء يعرفْك في الشدة".مسند أحمد. هذه المعرفة، التعرف في الرخاء إلى الله والإقبال عليه، والمداومة على ذكره، واستغفاره، والإنابة إليه ينبغي أن تكون حال المؤمن على الدوام، وكذلك ينبغي أن تكون حال أبنائنا الطلاب، فلا يصح أن يُقبل الأبناء إلى الله خلال أيام الامتحان، ثم يعرضون في سائر الأيام حتى لا نكون ممن ذكرهم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بقوله:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الحج: 11]. لا يصح التقلب بين حالين: حال الإقبال على الله، وحال الإعراض عنه، فهذا شأن المترددين، شأن المجربين، الذين لا يثقون بفضل الله تعالى، أما المؤمن الصادق فهو الذي يُقبل على الله على الدوام، ويتعرف على الله على الدوام ليعرفه الله في أثناء الشدائد، ونحن الآن نعيش الأيام الشدائد ، و حريٌّ بنا أن نتوجه إلى الله تعالى بالدعاء و التضرع أن يفرج الله عنا كربتنا و يقضي حوائجنا ، و يردنا إلى ديننا رداً جميلاً .
شيءٌ ثالث ينفع أبناءنا في تحضيرهم لامتحاناتهم تفريغ القلب من الشواغل وخاصةً اللهوَ واللعبَ والفجورَ والغناء والموسيقا ونحو ذلك مما يجعل قلب الإنسان المؤمن مشغولاً بالدنيا وزينتها. فكيف يصحُّ لطالبٍ مشغولٍ بالامتحان أن يشغل قلبه بمسلسلات أو بمباريات رياضية أوبمعازف ونحو ذلك وهو يحضر للامتحان !!
 هذا شغلٌ للقلب، وصرفٌ له عن الحق.. والله تعالى يقول:﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ...﴾[الأحزاب:4]. في جوف الإنسان قلبٌ واحد، هو القلب الذي يستقبل ويرسل، لكن إذا جعل الإنسان في جوفه أمرين يتنازعان على أمرٍ واحد، فإن هذا التنازع مآله الفشل. فعلى الطالب المستعد للامتحان أن يفرغ قلبه عن الشواغل كلها، وأن يتجه إلى الدراسة بكليته، وألا ينشغل بأمرٍ من أمور الدنيا التي تصرفه عن تلقي العلم والاستعداد له.
وهناك أمرٌ من الجدير أن نذكِّر أبناءنا به أثناء الامتحان ألا وهو النوم والاستيقاظ مبكراً ليلة الامتحان ، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لما رُفع إله أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وأنه يصوم ولا يُفطر، ويقوم ولا يرقد قال له: " إن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً ، صم وأفطر، ونم وارقد". عليك أن تريح جسدك، فالسهر الطويل الدائم يُتلف الأعصاب، والسهر الطويل يشتت الذهن، فإذا ما نام الطالب مبكراً واستيقظ إلى صلاة الفجر فإنه يدرك الفضيلة التي ذكرها الله تعالى بقوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾[الإسراء:٧٨].
و لا يفوتنا الحديث عن أهمية المحافظة على صلاة الفجر والدراسة بعدها  فقدثبت علمياً أن الوقت الذي يعقبُ صلاة الفجر هو أفضل الأوقات لتخزين المعلومات في الدماغ. فإذا قرأ الطالب في هذا الوقت يحفظ ولا ينسى، ويجد أمامه زوادةً كبيرة وخاصة أن ما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس هو وقتٌ لتوزيع الأرزاق وتقسيمها، والعلم نوعٌ من هذه الأرزاق. بعد صلاة الفجر تقسم الأرزاق ، فإذا صلى الإنسان الفجر، وانتظر قليلا ليقرأ أوراده وتسبيحاته إلى أن تطلع الشمس، هذا الوقت هو وقت البركة، ووقت توزيع الأرزاق، والأرزاق ليست فقط أرزاقاً مادية، وإنما هناك أرزاق للعقل، والفهم، والبركة في الحياة. فليحرص أبنائنا على أداء صلاة الفجر في أوقاتها، وخاصة مع الجماعة.
فقد جاء عَنْ السيدة فَاطِمَةَ الزهراء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ : مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ مُنْتَصِبَةٌ ، فَحَرَّكَنِي بِرِجْلِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " يَا بُنَيَّةُ قُومِي فَاشْهَدِي رِزْقَ رَبِّكِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلا تَكُونِي مِنَ الْغَافِلِينَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْسِمُ أَرْزَاقَ النَّاسِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ " .
قال تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الرعد:٧٨].
وأخيراً أيها الإخوة، عندما يكون الأبوان في حالة رعاية تامة لأبناءهم من الناحية الجسدية، فيهيئون لهم الطعام والشراب واللباس والمناخ وغرفة الدراسة ونحو ذلك، فعلى الآباء والأمهات والمربين أن لا يفوتهم تهيئة المناخ النفسي والروحي لأبنائهم و شحن الأبناء نفسياً وعاطفياً ، فأبناؤنا يعيشون في زمنٍ فيه ممتلىء بالمغريات والمفسدات والمشاغل، في زمنٍ ممتلىء بالفراغ الروحي، وشغلوا هذا الفراغ بالضياع وباللهو، فنسمع اليوم عن أبناءٍ ينشغلون بالملهيات الدنيوية، كالسيجارة والأركيلة ولعب الشدة، ونحو ذلك من الشواغل ونسمع عن أبناء آخرين غرقوا في المخدرات والمسكرات و المفترات وهم في سن مبكرة، ونسمع عن أبناء آخرين وقد اتبعوا سبيل الانحراف السلوكي بسبب الجوع العاطفي، مما أدى بهم لإقامة العلاقات المشبوهة بين الشباب والبنات، سواء عن طريق الاتصالات أو المباشرة ونحو ذلك، وهذا مما يدمر سلوك أبنائنا ويخرب أخلاقهم ويقضي على مستقبلهم. فلا يكفي أن نراعي حق الجسد على حساب الروح، بل علينا أن نسعى وراء أبنائنا لنكون أصدقاءهم وأحبابهم والمقربين منهم، حتى لا تستقبلهم الأندية والمقاهي وأماكن اللهو والفجور وأصحاب السوء الذين يُضلونهم فيَضلون معهم، ولعل هذا من أهم الأشياء التي تهيء أبناءنا لتلقي العلم، ثم لتقديم الامتحان بشكل ناجح ومفيد.
إن الحرص على بر الوالدين وطلب الدعاء منهماينبغي أن يكون قبل الامتحان وفي أثنائه وبعده، وأن يكون دعاء الوالدين لأولادهما الوِرْدَ الذي ينبغي أن يحرصوا عليه، فلا يخرج الطالب من بيته إلا وقد فاز برضا والديه وبرهما، وقبّل أيديهما، وسألهما الدعاء. فإذا ما ذهب الولد إلى جامعته أو مدرسته أو معهده ليقدم امتحاناً، فإنه ينطلق وعيونُ أمه وأبيه تذرفان الدمع، وقلبهما يخفق من أجله وهما يقولان: اللهم اشرح صدره، ونور قلبه، اللهم ارض عنه، اللهم سدد قلمه ولسانه، وافتح عليه مغاليق الفهم. هكذا يدعو الأب والأم لولدهما قبل الامتحان وقبل الدخول إلى قاعة الامتحان.
ينبغي أن يكون لكل من الأم والأب أثرهما الواضح، ودورهما البارز في عملية نهوض أبنائنا وبناتنا، وتهيئتهم تهيئة نفسية وعاطفية؛ فالأب الذي يشحن ولده بشحنات عاطفية بين الحين والأخر، فيقول له: ما شاء الله! فتح الله عليك يا بني، ونوّر قلبك، ولا أضاع لك تعباً. والأم التي تقبل على أولادها، فتحضّر لهم طعامهم ولباسهم, وتهيئ لهم الأجواء الدراسية في البيت بعيداً عن الإكراه والقسوة والعتاب، ودون كثير من المراجعة واللوم الذي نسمعه من الآباء والأمهات لأولادهم. هذه جرعات معنوية توقظ أبناءنا، وتهيئهم لأداء الامتحان بالشكل الطيب.
أسأل الله تعالى أن يشرح صدور أبنائنا وبناتنا في الامتحانات، وأن يجعلهم من الأتقياء الأوفياء الأبرار، وأن يجعلهم أبراراً بوالديهم، وأن يجعلنا وإياهم قرة عينٍ لسيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبون أحسنه.
 أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين.