::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> دراسات وأبحاث

 

 

قراءة في (القراءة المعاصرة)

بقلم : د. مرهف السقا  

 

لعلكم تقدرون صعوبة الأمر عندما تمسكون بكتاب يتحدث عن الطب وقد ألفه مزارع بخياله وتصوره لجسم الإنسان وأعضائه، فترى أن مبلغ علمه أن اليد عضو يمسك بالفأس ليضرب الأرض، وأن العين لا تستطيع النظر في الشمس وأن الأنف وظيفته أن يشم البذور ليميزها، وهكذا ...، ثم صدق الطبيب ـ المزارع ـ أنه عالم بالطب فأخذ يداوي الناس وهو عليل.

وهنا يستحضرني قصة يذكرها علماء الكلام في تقسيم الجهل إلى نوعين:

الأول: جهل بسيط وهو أن يدرك الجاهل أنه جاهل ويتوقف عند جهله.

الثاني: الجهل المركب، وهو أن يجهل الجاهل بأنه جاهل، فهذا جهل على جهل.

ثم يوردون لذلك قصة حمار الحكيم ـ الطبيب ـ وهي باختصار أن رجلاً قعد بين يدي طبيب يتدرب عنده على الطب، فوجد الرجل أن مهنة الطب سهلة، فما هي إلا أن يسأل المريض: ماذا يؤلمك؟، ثم يأمره بأن يفتح فمه، ويطبب على بطنه، ثم يصف له عشباً ما، إذن هي مهنة سهلة.

فاشترى الرجل حماراً وصار يدور في القرى منادياً ليتداعى الناس إليه ويطببهم، فكان سبباً في موت أناس على يديه، فكتب أحدهم على لسان الحمار الذي يركبه الحكيم ـ أي الطبيب ـ بيتين من الشعر هما:

وقال حمـار الحكيم يومـاً     لو أنصف الدهر كـنت أركب

لأن جهـلي بسـيـط     وجهل الـذي فـوقي مـركب

نعم وهذا حال كثير من الذين أعمت عيونهم مصطلحات التجديد وحرية الرأي فانغمسوا بجهالاتهم يعمهون، هذا إن أحسنا الظن بكثير منهم، وقد اخترت مثالاً لأمثال هؤلاء فقرة من كتاب:

(الكتاب والقرآن) قراءة معاصرة

للدكتور في الهندسة المدنية محمد شحرور

وهي الفقرة السادسة من الفصل الرابع من الكتاب، وهذه الفقرة بعنوان: (استنتاجات في الإعجاز القرآني).

فقد ابتدأ الشحرور كلامه بقوله [1]: (ما هي الاستنتاجات التي يمكن أن نستنتجها من مبحث الإعجاز؟)

ثم يجيب عن هذا السؤال بقوله:

(إن الاستنتاج الأساسي الذي يمكن أن نستنتجه من مبحث إعجاز القرآن هو الجواب على السؤال التالي: هل القرآن الكريم يدخل ضمن التراث العربي الإسلامي أم لا يدخل؟ للجواب على هذا السؤال يترتب علينا تعريف التراث.)

وهكذا يجيب عن السؤال بسؤال لينتقل بالقارئ انتقالاً لا منطقي من عنوان عريض مغري إلى موضوع آخر لا علاقة له بالعنوان أصلاً؛ ليشتت القارئ ويضيع في أفكار كتابه دون أن يقدر القارئ محاكمة المكتوب محاكمةً منطقية لأن الشتات صار منطقاً ومنهجاً معروفاً في كتابات الشحرور بعد كل بداية مبهرة لكل فقرة.

 ولكن دعونا نقرأ تعريف الشحرور للتراث، يقول:

(التراث: لقد تم تعريف التراث في مقدمة الكتاب على أنه النتاج المادي والفكري الذي ورثته مجموعة من الناس عن سلفها بحيث أن هذا النتاج لعب دوراً أساسياً في تكوين شخصية هذه المجموعة وهويتها أي في تكوين عقلها الباطن وسلوكها الظاهر. وهذا الفهم للتراث يعني أن الجزء الأساسي من السلف الذي كون هذا النتاج هو في عداد الأموات.)

طبعاً لن نطالب الشحرور بمصدره في تعريف التراث لأنه "مفكر" و"مجدد" في نظر نفسه وأمثال هؤلاء لا يسألون عن مصادرهم.

 إن مصطلح التراثHeritage   يقتصر مدلوله على ثمرات الجهد البشري في عرف من تكلم عن التراث بشكل عام، جاء في "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب": (التراث:  ما خلَّفه السلف من آثار علمية وفنية وأدبية مما يعتبر نفيساً بالنسبة لتقاليد العصر الحاضر وروحه، مثال ذلك:  الكتب التي حققها ونشرها مركز تحقيق التراث المتصل بدار الكتب في القاهرة، وكذلك ما تحتويه المتاحف والمكتبات من آثار تعتبر جزءاً من حضارة الإنسان) [2]، وجاء في "المعجم الأدبي"، أن كلمة "تراث" تعني:

1- ما تراكم خلال الأزمنة من تقاليد وتجارب وخبرات وفنون وعلوم في شعب من الشعوب، وهو جزء أساسي من قوامه الاجتماعي  والإنساني والسياسي والتاريخي والخلقي، ويوثَّق علائقه بالأجيال الغابرة التي عملت على تكوين هذا التراث وإغنائه.

2- "فنياً" يبرز فعل التراث في آثار الأدباء والفنانين، فتصبح هذه الآثار محصلاً لانصهار معطيات التراث وموحيات الشخصية الفردية. [3]

أما تعريف التراث اصطلاحاً، فقد حُمِّلَ هذا المصطلح بالعديد من المفاهيم في الخطاب المعاصر، ولكن أرى من الضروري الإشارة إلى مفهوم مزدوج للتراث في الفكر المعاصر "فقد يتحمل مفهوم التراث بعدين متمايزين، أحدهما:  أفقي مباشر، وهو: الموروث المادي والفكري الذي وصل إلينا من المجتمع العربي – الإسلامي.

والآخر: عمودي بعيد، وهو: كافة المنجزات المادية والفكرية التي صنعتها شعوب عاشت وتفاعلت مع شعوب أخرى فوق رقعة الوطن العربي– الإسلامي.

ويعزز ذلك المفهوم ما يعنيه المصطلح المستعمل في اللغتين الفرنسية والإنجليزية Heritage  ،  إذ يُغطِّي المساحتين معاً:  الممتلكات التي تنحدر إلى الإنسان عن طريق ميلاده، والممتلكات التي تصل إليه عن طريق الأجيال السابقة.

وقد اقتصر مفهوم التراث في بعض الأمم على البعد الأفقي،  فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، لا تقيم جسوراً بين ثقافة المستوطنين الجدد القادمين من كل بقاع الأرض، وبين ثقافة السكان الأصليين من الهنود الحمر، بينما هذه الجسور تمتد بقوة وعمق في مفهوم التراث في الخطاب الإسلامي المعاصر.

ومفهوم "التراث" القريب من "الثقافة" مفهوم تركيبي متعدد الجوانب، متنوع القسمات، لا يشكِّل كياناً متجانساً واحداً، ولا يسير على وتيرة واحدة، أو في اتجاه واحد، بل هو باعتباره جماع خبرة المجتمع في تطوِّره المادي والمعنوي، يتضمن النصوص والأفكار والقيم من ناحية، والمؤسسات والأبنية من ناحية أخرى، والعلاقات والممارسات من ناحية ثالثة، فهو خلاصة خبرة المجتمع في تفاعله مع بيئته الداخلية والخارجية، وهو استخلاص كيفية تعامله مع التحديات التي واجهته في مسيرته التاريخية.[4]

ومصطلح "التراث" لا يضم في سلَّة واحدة مصدراً كالوحي الإلهي إلى مفاهيم الشارحين واجتهاداتهم ورؤاهم وأفكارهم. وإن الذين يعنون بالتراث كل ما ورثناه من أسلافنا، بما في ذلك القرآن الكريم والسنة، إنما يضعون أنفسهم موضع الشبهة في أنهم يسعون إلى إنكار الوحي، ونزع صفة الوحي الإلهي عن القرآن والسنة، ومن ثم إخضاعهما للتطوير والتبديل بتغير الزمان والمكان... وهذا مخالف لما هو معلوم في الدين بالضرورة، وتأباه عقيدتنا وشريعتنا الإسلامية. [5]

إن هذا التراث إلى جانب ضخامته، ليس تراثاً تقليدياً يستمد حياته ووجوده من تراث غير تراث أهله، ويستمد مادته من تراث أمة سبقته في الريادة في هذا الميدان. بل هو تراث أصيل مبتكر، استمد حياته ووجوده من أعظم رسالة نزلت من عند الله سبحانه، على أكرم رسول أُرْسِل إلى الخليقة، استمد وجوده وحياته من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة،  وإجماع الأمة، واجتهاداتها المستوحاة من قواعد الإسلام وكلياته العامة، فشتان بين مفهوم التراث عندنا ومفهومه عند العلمانيين والمستشرقين الذين يضطربون في فهمه وفي التعامل معه، إلا أن الشحرور يعرض مفهوم التراث على أنه مسلمة لا نقاش فيه، ولكن دعونا نرى رأيه في القرآن والسنة هل هما من التراث أم لا، يقول الشحرور:

(من هذا المنطلق ننظر إلى القرآن، فالذي أنزل القرآن هو الله، والله سبحانه وتعالى مطلق حي باق والناس نسبيون ميتون. لذا فالقرآن ليس تراثاً وقد صيغ القرآن بصيغة متشابهة لهذا السبب بحيث حوى الحقيقة المطلقة من الله والفهم النسبي لهذه الحقيقة من قبل الناس بآن واحد.

وبما أن القرآن ليس تراثاً وجب علينا أن نفهم أن صياغته متشابهة وأنه جاء من حي إلى أحياء. فالله حي والعرب في القرن السابع الميلادي أحياء فتفاعلوا معه حسب أرضيتهم المعرفية، ونحن الآن في القرن الخامس عشر الهجري أحياء والله حي. فما علينا إلا أن نتفاعل معه طبقاً لأرضيتنا لمعرفية، ففي هذه الحالة فقط لا يكون القرآن تراثاً لأننا نفهمه على أساس أنه تنزل علينا.)

هذه نظرته إلى القرآن، إذن القرآن ليس تراثاً بنظره، ويؤكد على أنه نزل من عند الحي، ثم يمهد للفكرة التي بعدها ـ وسنوردها ـ بأن القرآن نزل لأحياء يتفاعلون معه، ونحن كذلك ينبغي أن نتفاعل معه، وأما تفاعل السلف مع القرآن فهو تراث "عصراني"، فما النتيجة من هذه المقدمة؟!! وما هو موقفه من السنة؟!! يقول الشحرور:

(فإذا كان القرآن ليس تراثاً فما هو التراث العربي الإسلامي؟ الجواب: التراث العربي الإسلامي هو تفاعل الناس مع القرآن ابتداء من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وصدر الإسلام مروراً بكل أنواع التفاسير على مر القرون. هذا النتاج الفكري والحضاري الهائل الناتج من هذا التفاعل هو التراث العربي الإسلامي. فإذا تفاعلنا نحن في القرن الخامس عشر الهجري مع القرآن فما أن يأتي القرن السادس عشر الهجري حتى يصبح تفاعلنا تراثاً بالنسبة للناس بعدنا.)

وبذلك نستنتج أن السنة تراث كما تفسير الصحابة والتابعين تراث، وبما أنهم أموات ونحن أحياء، فتفاعلهم مع القرآن انتهى وينبغي علينا - برأي شحرورنا- أن ننظر إليه على أنه من التاريخ الذي انقضى، وما فسره النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو تفاعل وقتي يناسب عصره ولا يتناسب مع عصرنا -كما يزعم شحرورنا-.

ومن المناسب أن نقف هنا على تكرار كلمة التفاعل في كلام الشحرور، لنربط هذه الكلمة بما قدمته في الكلام في تعريف التراث، إذ العصريون يعتبرون التراث هو نتاج تفاعل، تفرضه حاجة، وهذا المفهوم شائع بالثقافة الأمريكية والأوربية، ولكن هل يتناسب مع مفهوم التراث في الثقافة "العربية" والإسلامية كما يعبر شحرورنا العزيز، أرى أن التركيز على هذا التفاعل إنما هو محاولة بناء فكر علماني بثوب إسلامي بدعوى المعاصرة، والشحرور بكلامه هذا ينبئنا عن عدم معرفته بقيمة تفسير السلف الصالح من جهة اللغة والمعاني، أو أنه يتقصد رفض تفسيرهم ليكون الهوى والخيال هو المفسر لكلام الله تعالى كما فعل هو في هذا الكتاب، لأن تكاليف الإسلام تثقل على صاحب الهوى فلا بد إذن من إسلام أهوائي ، وهو المسمى عنهم باليسر والسمح على هذا المعنى.

وشحرورنا أيضاً يعرفنا من خلال كلامه على ثقافته الضحلة في القرآن وعلومه وهو يعرض قراءته له، لأنه يتجاهل أو يجهل أن السنة وحي من الله تعالى، وأن أهم وظائف النبي صلى الله عليه وسلم بيان القرآن، فأما كون السنة وحياً من الله تعالى فدليلها قول الله عز وجل: )وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( [النجم : 3ـ 4]، وأما دليل بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن فقوله تعالى:  ) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ( [النحل : 44]، فالذكر هو القرآن، وبيانه صلى الله عليه وسلم هو من أسس فكر المسلم وبنائه العقلي. فلم هذا التغييب أو النفاق في البحث العصري!!؟

ولا أدري لماذا أرى ارتباطاً بين ما يقوله الشحرور وما كان يدعو إليه المستشرقون في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين الميلادي من المطالبة بتطبيق معطيات المناهج التغريبية على القرآن في أفق البحث عن تاريخ القرآن ثم إعادة قراءته أو تفسيره من جديد، بل وبدأ يغلب على دراساتهم منحى ضرورة إخضاع تفسير القرآن لمناهج التحليل في العلوم الإنسانية من أجل أن ينعشوا جهودهم بعد إفلاسهم وخيبتهم [6]، أي أنهم يريدوننا أن نفعل بكتاب ربنا كما فعلوا هم بإنجيلهم لينزعوا عنه القدسية والمهابة، وشتان بين الكتابين.

 ولعل الكلام الذي سأورده عن شحرورنا يؤكد هذا الترابط، إذ يقول بنصه:

(هكذا فقط يمكن التعامل مع القرآن إذا أردنا أن ننظر إليه على أنه كتاب حي صادر عن حي إلى أحياء أي من شاهد إلى شاهد وليس من غائب إلى شاهد. وخاصية التشابه تسمح لنا بذلك.

فماذا قدم السادة العلماء للناس؟ لقد تصدر العلماء المجالس والإذاعة والتلفزيون على أنهم علماء المسلمين وجلهم ناقل وليس بمجتهد أي أنهم قدموا لنا ماذا فهم السلف من القرآن على أنه تفسير للقرآن. والواقع أنهم بذلك لم يقدموا ما يؤكد أن القرآن صالح لكل زمان ومكان بل قدموا تفاعل هؤلاء الناس مع القرآن وبالتالي قدموا الأرضية المعرفية التاريخية لهؤلاء الناس إلينا ونحن في القرن العشرين، أي قدموا لنا تراثاًُ إسلامياً ميتاً. وكل الشواهد التي نراها في القرن العشرين هي أن الإسلام دين خارج الحياة جاء للناس جميعاً وهو عبء عليهم. والمشكلة أنهم نقلوه عن أموات وأهملوا أن صاحبه حي باق. وبعض رجال الدين شاؤوا أم أبوا، بموت النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة حولوا القرآن تراثاً ولم يعلموا أن كل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة هو الاحتمال الأول لتفاعل القرآن مع العرب في القرن السابع الميلادي (الثمرة الأولى).

والقيمة الحقيقية هي للنص القرآني الحي المتشابه. وهكذا يمكن لنا أن نقدم التبرير العلمي لإصرار النبي صلى الله عليه وسلم على تدوين الوحي وبنفس الوقت إصراره على عدم تدوين أقواله الشخصية لأن الله هو الحي المطلق ومحمد صلى الله عليه وسلم نبي ولكنه إنسان. هكذا فقط، يمكن أن نقول بكل جرأة علمية: إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.) انتهى كلامه..

وبذلك تجد أن طريقة عرضه وأسلوبه لا يختلف كثيراً عن طريقة وأسلوب المستشرقين في الطعن تحت ستار التعظيم ( الإسلام صالح لكل زمان ومكان)، وقبله : (وعند مشايخنا فهم القرآن هو عن.. عن، وقال مجاهد وعكرمة وابن عباس وابن كثير والزمخشري، علماً بأن أقوال هؤلاء ليس لها قيمة علمية كبيرة بالنسبة لنا ولكن لها قيمة تراثية أكاديمية بحتة).

 إن الشحرور بذلك يدعونا للتمرد على السنة وأقوال السلف الصالح، وأن نطويها على الرفوف ونتعاهدها بنفض الغبار عنها كل فترة، تحت شعار التفاعل مع القرآن وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.

إن هذه الدعوة ليست جديدة على الساحة الإسلامية، فله سلف فيها في الشطر الشرقي في العالم الإسلامي، فقد سبقه إليها ربيب بريطانيا السيد أحمد بهادر خان الذي أنكر أن تكون النبوة منحة إلهية أو اختياراً ربانياً، ويعتبر الوحي شبيه بالاتصالات اللاسلكية، واعتبر السنة نوعا من أنواع الاجتهاد، والمسلمون غير ملزمين في العمل بها [7]، والشحرور يعتبرها تفاعلاً عصرياً والمسلمون غير ملزمين في الأخذ بها.

لقد أثنى جولد تسيهر على عمل ونشاط بهادر خان مع أنه لم يطلع عليه كما أشار لذلك في الكلام على القرآن والمدنية في كتابه المعروف، لقد ظلت دعوة المستشرقين للثورة على تاريخ الأمة وتراثها وأصولها لرميه وراء الظهر طيلة عقود من الزمن مجرد نظرية لم يستطيعوا هم ولا غيرهم تطبيقها إلا محاولات في مقالات وكتب ظهر عورها بسرعة، وها هو ذا شحرورنا يحاول تطبيق هذه النظرية، ولكنه ظهر أكثر عرجاً من المستشرقين، فمن خلال عرض هذا المبحث من كتاب الشحرور نجد أنه لم يتكلم عن ثمرات الإعجاز كما عنون، وإنما خرج إلى موضوع آخر ـ كعادته في كل مباحث الكتاب ـ وكأني به يريد أن يطبع القارئ بطابع اللامنهجية في القراءة واللامنطقية في الفهم، ولتكون صياغة فكر القارئ لكتابه صياغة عشوائية متشتتة، كما أنه استخدم مصطلحات تظهر اعتقاده بأن ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو اجتهاد بشري وليس وحياً ربانياً، كقوله "إصراره – يقصد النبي صلى الله عليه وسلم – على عدم تدوين أقواله الشخصية"،   هذا من حيث الطريقة والأسلوب، أما من حيث المقصد والهدف فأترك الحكم لك أيها القارئ بعد هذا العرض السريع لمبحث واحد من كتابه.

 

د. مُرهف عبد الجبَّار سقَّا

دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن

 

ــــــــــــــــــــــــــ

الحواشي:

 

(1) الكتاب والقرآن قراءة معاصرة صـ 208، وكل النصوص التي سأنقلها عنه هنا من نفس المصدر والباب.

(2) وهبة، مجدي -  معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب.- بيروت:  مكتبة لبنان، 1984م.- ص: 93

(3) عبد النور،  جبور.-  المعجم الأدبي .-  بيروت،  1979م.-  حرف التاء : تراث

(4) انظر د أبو القاسم مهدي مدني خليفة ، تكشيف التراث ، الفصل الأول منه في مفهوم التكشيق ومفهوم التراث وهي رسالة دكتوراه مقدمة في جامعة النيلين في السودان قسم الوثائق والمعلومات.

(5) عطية،  محي الدين .-  نحو منهج للتعامل مع التراث الإسلامي ص : 159 – 160.

(6) انظر بحث تفسير القرآن الكريم في كتابات المستشرقين د عبد الرزاق اسماعيل هرماس مجلة البحوث الإسلامية العدد 67 لعام 1423 .

(7) انظر أفكار السيد أحمد بهادر خان في كتاب أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية ، خادم حسين بخش صـ 351 وما بعد ط دار حراء .

 

 

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3071

 تاريخ النشر: 03/10/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2023

: - عدد زوار اليوم

7467757

: - عدد الزوار الكلي
[ 55 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan