::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> كلمة المشرف

 

 

البيعة بين التأصيل الشرعي والواجب الوطني

بقلم : محمد خير الطرشان  

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

من وحي الزمان والمكان، أبدأ كلمتي هذه، لأعبر فيها عن حالة الصدق والإيمان والمحبة، وعن معاني الولاء والوفاء، التي ينبض بها قلب كل مؤمن بالله تعالى، محبٍّ لوطنه، غيورٍ على مصالحه، يعيش آلامه وآماله، بكل عواطفه ومشاعره الإنسانية العظيمة .

أما المكان : فهو رحاب هذا الوطن وأرجاؤه الواسعة ؛ الذي تحققت فيه وِحدةُ الصف، وجمع الكلمة، ولمّ الشمل، والتقاء المؤمنين على قلب رجل واحد، لتتوحد آمالهم وتطلعاتهم وتتشابك أياديهم في ساحات العمل الجاد المثمر البناء المعطاء، الذي فيه خير البلاد والعباد، وما يُصلِحُ شؤون دينهم ودنياهم.

 

 وأما الزمان: فتنوعَ وصفُه وتعددت نعوته ، فعلى المستوى الشعبي سمي بأعراس الوطن، وعلى المستوى السياسي سمي بالولاية الدستورية الجديدة، وأما نحن تلامذة محمد صلى الله عليه وسلم، من تربينا على مائدة السمع والطاعة، مائدة القرآن الكريم : ﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ فإننا نسمي هذا الزمان ونصفه بـ (( البيعة)) لسيد الوطن وقائد مسيرته الرئيس بشار الأسد.

 

إن ((مصطلح البيعة)) مصطلح قرآني ، ورد ذكره في القرآن الكريم في مواضع عدة، منها قوله تعالى مخاطباً سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم : ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم﴾ كما أنه مصطلح ورد في السنة النبوية الشريفة، فهناك بيعة العقبة، وبيعة الرضوان، وبيعة النساء، وكلها أثنى الله تعالى عليها بقوله : ﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ..﴾.

 

والبيعة في لغة العرب تدل على معان منها: المبايعة والطاعة والصفقة. قال ابن منظور في لسان العرب: (( صفق يده بالبيعة والبيع صفقاً..)) أي: ضرب بيده على يد من يبايعه.

لذلك وصف الإمام ابن حجر رحمه الله تعالى بيعة الإمام بأنها ((عمل صالح، وقربة إلى الله تعالى، وهي اعتقاد وقول وعمل)).

وقال: البيعة تحتاج إلى ثلاثة أمور ((قلب ويد وجوارح))، "قلب" يعطي العهد بالسمع والطاعة، و"يد" تصافح ويعلن صاحبها السمع والطاعة، و"جوارح" تعمل بعد ذلك وفاء لتلك البيعة.
 
يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من بايع إماماً فأعطاه صفقةَ يده وثمرةَ قلبه فليطعه ما استطاع ..)) رواه مسلم وغيره.

والبيعة عهد شرعي بين الرئيس ومرؤوسيه، الغاية منها النهوض بإدارة شؤون الأمة ورعاية مصالح المجتمع وهذا ما فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حينما تمت أول بيعة في الإسلام لسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه في سقيفة بني ساعدة.

 

ومنذ ذلك العهد أصبحت البيعة واجباً شرعياً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية..)).

وقد قرر الفقهاء وأهل العلم والاجتهاد أنه لا يجوز ترك البيعة للإمام ولا الامتناعُ عنها، وهذا ما يتلقاه طلاب العلوم الشرعية من نعومة أظفارهم وما يقرؤونه في كتب العقيدة التي تعلم منهج الوسطية والاعتدال، التي هي ميزة هذه الشريعة، فتقول هذه الكتب :

((ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، ولا ننزِعُ يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم في طاعة الله فريضةً، ودعاؤُنا لهم بالخير ينفعنا وينفعهم)).

يقول سيدنا حذيفة بن اليمان: (( لا تسبُّوا السلطان، فإنه ظِلُّ الله في الأرض، به يقوم الحق، ويَظهرُ الدين، وبه يَدفَعُ اللهُ الظلمَ ويُهلِكُ الفاسقين)).

ويقول سيد التابعين الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى: ((لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان. قيل: ولمَ تقدِّمُه على نفسك ؟ قال: إنَّ دعوتي لنفسي لا تنفع غيري، فإذا كانت للسلطان انتعش البلاد والعباد بعدله وصلاحه)).

إن الأمة اليوم تتطلع بعين البصر والبصيرة، إلى حسن القيادة والحكمة في السياسة، والدقة في معالجة الأمور، التي يتمتع بها رئيسنا الدكتور بشار الأسد.

وإن التحديات التي تواجه الأمة خطيرة وشديدة، وهي تتعاظم يوماً بعد يوم، وإنَّ ما يفشل تلك التحديات والمؤامرات على أمتنا ووطننا وقطرنا العربي السوري هو تماسكنا الداخلي، ووحِدة صفنا، وقوة موقفنا، وحسن انتمائنا للوطن، ووفاؤنا بالعهد الذي عاهدنا والبيعةِ التي بايعنا...

نبايعك اليوم يا سيادة الرئيس ونشدُّ على يديك وأنت تقود مسيرة حداثة الدولة، وتطوير أدائها، ومكافحة الفساد فيها..

نبايعك وأنت تدعم مسيرة العلم والحضارة في هذا البلد ، وتدعم الجامعات والمعاهد والثانويات الشرعية.

نبايعك على دعم الفضيلة التي ترسي قواعدها في الثقافة والفن والرياضة والإعلام.

نبايعك يا سيادة الرئيس على السمع والطاعة في إقامة الحق والعدل وسيادة القانون وسيادة الدولة..

وفقك الله يا سيادة الرئيس، وأجرى الخير والنفع على يديك وأيدك بجنود أوفياء مخلصين وجعل النصر على يديك إن شاء الله تعالى .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

محمد خير الطرشان
المدرس في معهد الفتح الإسلامي بدمشق
22/5/2007م

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 4432

 تاريخ النشر: 22/05/2007

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2090

: - عدد زوار اليوم

7406823

: - عدد الزوار الكلي
[ 53 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan